طباعة

( حسن عبد الله . ... . ... ) تفسير قولـه : { هَمَّتْ بِهِ هَمَّ بِهَا }

السؤال : بعد الدعاء لكم بطول العمر والتوفيق والتسديد لكُلّ خير وصلاح ، نرجو التكرّم بالجواب على السؤال التالي :
قال أحد المفسّرين عند تفسيره لقولـه تعالى : { وَهَمَّ بِهَا } (1) : وهكذا نتصوّر موقف يوسف ، فقد أحسّ بالانجذاب في إحساس لا شعوري ، وهمّ بها استجابة لذلك الإحساس ، كما همّت به ، ولكنّه توقّف وتراجع .
علماً أنّه في مكان آخر يقول : إنّ همّ يوسف هذا الذي كان نتيجة الانجذاب اللاشعوري ، هو أيضاً لا شعوري بل طبعي ، وأنّ قصد المعصية من يوسف لم يحصل .
فما رأيكم بقولـه هذا ؟ هل يتنافى مع عصمة الأنبياء (عليهم السلام) حسب رأي الشيعة في العصمة أم لا ؟ وإن كان جوابكم بأنّه مناف لها ، فالرجاء بيان وجه المنافاة .
الجواب : إنّ ما نقلتموه في تفسير تلك الآية لا يتوافق مع العقيدة الصحيحة في شأن الأنبياء (عليهم السلام) ، ولمزيد من التوضيح نذكر رؤوساً للنقاط الهامّة في هذا المجال :
أوّلاً : إنّ عصمة الأنبياء (عليهم السلام) مسألة ثابتة بالأدلّة العقلية والنقلية ـ كما ذكر في محلّه ـ وعليه فالانجذاب نحو المعصية ـ حتّى ولو كان عن غير شعور ـ يتنافى مع مقام العصمة ، لأنّ العصمة هي الابتعاد عن المعصية والهمّ بها .
ثانياً : إنّ قول ذلك القائل يتعارض مع روايات أهل البيت (عليهم السلام) في هذا المجال ، ففي أكثرها إنّ متعلق الهمّ يختلف عند يوسف (عليه السلام) وامرأة العزيز ، إذ أنّ امرأة العزيز همّت بفعل الفاحشة ، ولكن يوسف (عليه السلام) همّ بعدم فعلها ، أو أنّ يوسف (عليه السلام) همّ بضربها ، أو قتلها إن أجبرته على ذلك .
ثالثاً : على فرض عدم قبول هذه الروايات ـ سنداً أو دلالةً ـ فالآية بظاهرها كافية في ردّ كلام القائل ، فإنّ { لولا } ملحقة بأدوات الشرط ، وتحتاج إلى جزاء ، فجملة { وَهَمَّ بِهَا } تكون جزاءً مقدّماً عليها .
وأمّا على تقدير كلام ذلك القائل ، فاللازم أن تكون الجملة هكذا " فلولا " أو " ثمّ لولا " أي السياق حينئذٍ يقتضي أن يؤتى بعبارة فصلية لا وصلية .

_________
1- يوسف : 24